فوضى



من عشوائية السكن إلى عشوائية العقل والروح.. هو واحد من أحياء الطبقة المتوسطة المستقرة منذ ستينات القرن العشرين في قلب المدينة تقريباً ذاك الحي الذي يجمع أشتاتاً من السكان المستقرين فيه أصلاً والنازحين إليه حديثاً من أحياءٍ عشوائية في محيط العاصمة بفقرهم وقلة حيلتهم. فهنا فارس وأخيه (زيدان) شباب في أواسط العشرينيات من النازحين إلى هذا الحي يعملان في مجال التمديدات الصحيّة.. كلاهما يحبُّ فتاةً واحدة (فتحية).. وهنا المحامي (راتب) الخمسيني من سكان الحي الأصليين، صاحب القيم والمبادىء يخضع للابتزاز بعد التهديد بالقتل من أحد الرجال الذين ظهروا على السطح في فوضى الأزمة التي تعصف بالبلاد... معاناة يعيشها الجميع في التأقلم مع هذه الحارة التي غدت عشوائية هي أيضاً ليس بسبب من نزح إليها فقط بل أيضاً بسبب العلاقات المستجدة بين الناس فكل منهم يجد نفسه بين أناس جدد وبين همومهم المختلفة، فالعلاقات تختلط ببعضها منتجةً كمية من الفوضى التي أقل ما يمكن أن يقال فيها وعنها: عشوائية بالروح وبالعقل أيضاً، ويتمثل هذا بشكل واضح -أكثر من بقية الخطوط - بعلاقة الأطفال فيما بينهم: العنف، الأوساخ، قلة الماء، قلة الكهرباء، تفكير الأهل بالهجرة إلى خارج البلد كمخرج وحيد من الأزمة التي نزلت على سوريا بعد ست سنواتٍ من الحرب.